الاعتراف سيد المواقف، والمواقف سيدة الحياة، ماقيمة الصحافة اذا تحولت الى تبويق؟ و ماقيمة الصحافة اذا تحولت الى وسيلة لارضاء اهل الكرسي ؟ ماقيمة ان تكتب شيئا لايهز اركان السلطة؟ ماقيمة ان تكتب شيئا عن الحقيقة وهناك العشرات غيرك يكتبون عن حقيقة اخرى غير حقيقتك؟ حقيقة مزيفة تصنعها مخيلتهم، مصالحهم ، جيوبهم ، منافعهم.
ماقيمة ان تتحول من صحفي الى صانع( تاج راس) و ( خط احمر)؟ ماقيمة ان تكتب وان تفكر بخواطر المسؤول الفلاني و الجهة الفلانية والجماعة الفلانية؟، كلما زادات الحقيقة في مقال او خبر او تقرير كلما خسرنا مجموعة من الاصدقاء والاحباب.
من هذا الصحفي الذي يكتب من دون فوبيا الزعامات والتيجان؟ من هذا الصحفي الذي يكتب الحقيقة كما هي من دون ميول لا إلى اليمين ولا على اليسار؟
كل شيء خارج عن المألوف مخاطرة، نقمة الكتابة في العراق ان اتباع تيجان الرؤوس لايريدون ان يومنوا ان المقالات التي تنقد تيجانهم، غايتها التصحيح لا التزويق، ومن غرائب الغرائب انه كلما مرّٓ زمن ، كلما زادوا تيجان الرؤوس وتكاثروا!
الصحفي الذي يبحث عن الحقيقة، عن المعلومة، عن اي شيء مثير، صحفي مجنون متهور ليس هذا الزمن زمنه، الزمن كل الزمن للصحفيين الذين يهرولون وراء اصحاب الكراسي، الذين يلمعون صورهم، الذين يطبلون لهم ويمسحون اكتافهم.
لا اقصد شيئا، كل الذي اقصده اننا نعيش في زمن هامش الصحافة ، ليست لدينا صحافة حقيقة كل التي لدينا اما صحافة التسقيط او صحافة (التسفيط) الاولى تحول الملائكة الى شياطين والثانية تحول الشياطين الى ملائكة !
من البداية، ومن دون عناء، يمكن اكتشاف ان السلطة تكره اصحاب الاقلام الصريحة وشعارها امدح اكثر تقترب الينا اكثر!
الصحفيون الذين لايجيدون فن (التملق) او فن( مسح الاكتاف) او فن( التطبيل) او فن (تيجان الرؤوس) هولاء من دون شك صحفيون فاشلون في هذا الزمن، ماداموا لايجيدون مغازلة السلطة ولا مغازلة الاحزاب ولا مغازلة الزعماء الكبار، وقد تكون كل الابواب امامهم مغلقة اننا نعيش ازدهار صحافة التلميع و(الترطيب)!
الصحفيون الفاشلون هم الذين يكتبون الحقيقة كما هي ، هم الذين يكتبون مايقتنعون به لا ماتقتنع به السلطة او جماعة تاج راسك! لقد امتلئت رؤوسنا بتيجان الرؤوس الا يكفي كل هولاء؟