تتّجه الحرب على تنظيم داعش في العراق، نحو الحسم النهائي بسيطرة القوات العراقية على مناطق جديدة في غرب البلاد، ليصبح انتزاع آخر ما بقي من أراض تحت سيطرة التنظيم مسألة وقت لا غير.
وأعلن قائم مقام قضاء الرطبة عماد الدليمي، الأحد، عن محاصرة تنظيم داعش من كل الجهات في أحد آخر معقلين له غربي البلاد. وقال الدليمي إن قطعات القوات العراقية عبرت قضاء راوة غربي الأنبار وطوقته بالكامل تمهيدا لاقتحامه واستعادته من سيطرة التنظيم المتشدّد.
وذكر في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية أن القوات وصلت مفرق العبيدي في قضاء القائم “الوكر الأخير لداعش في غرب الأنبار بمحاذاة الجارة سوريا”.
ولفت إلى أن القوات حسمت تحرير وتطهير الطريق الممتد من قضاء الرطبة الحدودي مع الأردن، وصولا إلى منطقة عكاشات والقائم.
ونوه إلى أن القطعات الأمنية تنتظر حسم معركة راوة لاقتحام مركز قضاء القائم والإجهاز على التنظيم.
وتنظر دوائر إقليمية ودولية إلى ما تحقّق خلال الحرب على تنظيم داعش في العراق منذ سنة 2014، على أنّه إنجاز للقوات العراقية التي حظيت بدعم كبير من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
كما ترى الدوائر ذاتها في الانتصار على التنظيم إنجازا سياسيا للحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي تجاوز الوضع الكارثي الذي ورثه عن سلفه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من شبه إفلاس اقتصادي، وشبه انهيار للقوات المسلّحة، فضلا عن استشراء النوازع الطائفية والعرقية التي أضعفت الوحدة الداخلية للبلد وخلقت واقعا من التشتت والصراع داخل مجتمعه.
ورغم ما تحقّق في الحرب على تنظيم داعش يساور القلق على المستقبل شريحة واسعة من العراقيين، بفعل الأوضاع بالغة الصعوبة الموروثة عن سنوات الحرب.
وعلى صعيد أمني يرى خبراء أمنيون وعسكريون، أن الحرب على التنظيم التي تشهد آخر فصولها في مناطق غرب العراق، قد لا تكون سوى نهاية لحرب الجبهات، لتبدأ بعدها حرب العصابات ضدّ داعش الذي يستبعد أن يكون قد قُضي عليه بشكل كامل ويرجّح أنه يحتفظ له بخلايا نائمة في أنحاء ومناطق كثيرة من العراق، لن تلبث أن تستيقظ لتبدأ في تنفيذ الهجمات الخاطفة والتفجيرات الدامية داخل المدن مستهدفة أكبر التجمعات البشرية والمراكز الأمنية والمرافق الحيوية بهدف استدامة حالة الفوضى وعدم الاستقرار.
كذلك سيكون على العراق مواجهة الأعباء المالية الثقيلة لعملية إعادة الإعمار، التي ستكون في بعض المناطق أشبه بإعادة إنشاء مدن بحالها نظرا للضرر البالغ الذي لحق بها وجعلها غير صالحة للسكن، مثلما هي الحال في مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق قبل أن تأتي الحرب بشكل شبه تام على الكثير من أحيائها.
ومما يعقّد من مهمّة إعادة الأعمار في العراق شحّ الموارد المالية نتيجة تراجع أسعار النفط الذي يشكّل تقريبا مصدر الدخل الوحيد للبلد، إضافة إلى تعطّل ماكنة الاقتصاد وتوقّف الاستثمار بسبب الأوضاع الأمنية وأيضا بسبب سوء التسيير واستشراء الفساد على نطاق واسع في مختلف مفاصل الدولة.