دنيا الباز / بغداد
ابتسامة صغيرة تعلوا وجوه أطفالنا مع شعاع الشمس الدافئ , ونسمة الهواء الباردة المحملة بعطورهم , متلهفين لاستقبال عامهم الدراسي وكلهم طاقة ايجابية , املآ بعام مليء بالرفاهية, لكنهم تفاجئوا بمدارسهم التي تخلوا من وسائل الراحة , أين سيجلسون ؟ ماذا ستحدث لثيابهم ؟ هل سيتصارعون من اجل الجلوس على مقاعدهم ؟ أين سيلعبون وساحاتهم تخلوا من الواحات الخضراء؟هل سيشترون كتبهم كما العام السابق ؟
مفر آخر لابد منه لطلبتنا يوفر لهم وسائل الراحة بكل أنواعها , هربا من همومهم ولجوءا لمدارس تستنزف أموال عائلاتهم وهي المدارس الأهلية .
( قبس محمد ) أم لطالبة في مدرسة أهلية قالت : وضعت ابنتي في مدرسة أهلية لان الحكومية للآسف لا تهتم بطرق التربية والتعليم الصحيحة فانا ارغب أن تكون ابنتي متفوقة علميا , وكذلك
اهتمامهم بالمظهر الخارجي للطالب ومتابعته بصورة يومية من خلال دروسه وأسلوبه ,نظافة المدرسة وجميع الخدمات متوفرة للطالب فيشعر براحة تامة خلال دوامه ,وأضافت كنا في السابق لانحتاج إلى مدارس أهلية لكن نحن اليوم مجبورون على ذلك رغم تكاليفها.
فبين سلبيات المدارس الحكومية والأسعار الباهظة للمدارس الأهلية ,راح ضحيتها الأهالي من اجل مستقبل أولادهم, فهم يجدون في التعليم المالي مالا يجدونه في التعليم الحكومي.
لكن هناك بعض العوائل وبسبب ظروفهم المادية الضعيفة لا يستطيعون إدخال أولادهم للمدارس الأهلية .
( أم طيبة ) لديها طفلان في مدرسة ابتدائية حكومية لمنطقة الحرية قالت : أتمنى لو كنت املك المال لأضع أطفالي في مدرسة أهلية فأنني أعاني الكثير,اجلس لساعات متواصلة لاساعدهم في أكمال واجباتهم اليومية , فكثرة الواجبات تهلك الطالب وتشتت تركيزه ولايحبذ إن يذهب إلى المدرسة في اليوم التالي , مع عدم تنظيم واجباتهم اليومية فخلال اليوم يأخذون جميع المواد , بالإضافة إلى سوء معاملة المعلمة للأطفال .
بالرغم من سلبيات المدارس الحكومية ألا أن هناك بعض الأهالي تفضل أن يتعلم أولادهم في مدارس حكومية ليخرجوا منها رجالا .
سألنا ( آية نجاح ) عن سبب وضع أطفالك في مدرسة حكومية بالرغم انك تعملين في مدرسة أهلية ؟ أجابت قائلة : ارغب أن يكون أولادي رجالا فأفضل التعليم الحكومي الذي سيعلمهم الاعتماد على أنفسهم ومواجهة الصعوبات .
وأضافت لكن أفضل المدرسة الأهلية من ناحية التدريس الجيد والاعتناء بالطالب فانا كموظفة
دوام المدرسة الأهلية يكون ملائم لوقت خروجي من وظيفتي بالإضافة إلى أكمال واجباتهم خلال الدوام ,وارى أن المبالغ التي ندفعها للحكومي مقارب لمصاريف الأهلي فإذا كانت المدرسة الحكومية بعيدة سنضطر إلى دفع تكاليف الخط المدرسي مع شراء الكتب من السوق السوداء لتأخيرهم في تسليم الكتب للطلبة .
وهناك من يرى أن التعليم الأهلي له سلبيات كما له ايجابيات .
( نور شعاع ) قالت بالرغم إنني وضعت أطفالي في المدرسة الأهلية لكن هناك سلبيات
نعاني منها وهي تغيير الكادر التدريسي بين مدة وأخرى مما يؤثر على تعود الطالب على أسلوب المعلم الجديد فيؤثر على مستواهم الدراسي , بالإضافة إلى أعطاء الدرجة العالية للطالب بسهولة خوفا من أهله وإرضاء لهم , لكن التعامل الجيد للطالب وحمايته من خلال تسليمه لأهله فقط بعد انتهاء الدوام يشعرنا بالأمان والاطمئنان تجاه أولادنا .
وقال مدرس اللغة الانكليزية ( ع. ش ) لأحدى المدارس الحكومية أن تراجع التعليم الحكومي في العراق له عدة عوامل من أهمها أن وزارة التربية شجعت على فتح المدارس الأهلية وهي خطوة استباقيه لخصخصة التعليم , وأضاف أن المدرس الحكومي هو نفسه الذي يعمل في المدرسة الأهلية لكن البعض منهم يدخر جهوده للمدارس الأهلية وتقصيره تجاه طلاب المدارس الحكومية مع بذل جهده لإيصال المعلومة من اجل أرضاء أصحاب المال ,وارى أن التعليم الحكومي عندما يقصر تجاه راحة وتعليم الطالب مؤكد سيهرب الطالب إلى المدرسة الأهلية فكثرة عدد الطلاب في الصف الواحد تضعف من استلام المعلومة العلمية للطالب بالإضافة إلى تغيير المناهج كل عام مع التأخر في تسليم الكتب للطالب مقابل أكمال المادة في وقت محدد للتربية ,فلماذا نرمي اللوم على المدرس فقط ماذا يفعل المدرس تجاه ازدواجية الدوام للمدرسة الواحدة ؟! مما سيؤثر على قلة ساعات الدوام الرسمي للطالب .
وبالرغم من التكاليف الباهظة للمدارس الأهلية الاان بعض الطلبة يضطرون لأخذ الدروس الخصوصية لزيادة معدلاتهم مما يزيد من فرص قبولهم في الاختصاصات التي يرغبون الدخول لها .
قال (مرتضى فاضل ) طالب سادس إعدادي ( شارع فلسطين ) منذ المرحلة الأولى
أنا في المدرسة الأهلية وبالرغم من التدريس الجيد من قبل أساتذتنا الااننا نأخذ الدروس المساعدة لنحظى بمعدلات عالية بتكرار المادة مرتين وثلاثة تمكننا من الدخول للاختصاصات التي نرغب بها , فإضافة لقسط المدرسة نتحمل أعباء تكاليف الدروس الخارجية التي نأخذها في المراكز الخاصة ومصاريف الخط المدرسي , لكن هناك اهتمام ومراقبة من قبل الإدارة المدرسية للزى المدرسي وقصات الشعر ومنع دخول أجهزة الهاتف .
توقفت عند نقطة هامة وتعجبت كثيرا, هي أن رواتب كوادر التدريس الحكومي أكثر بكثير من الكوادر الأهلية , فلماذا هذا التقصير تجاه الطالب ! هل أن الضمير يختلف هنا وهناك .؟
فما ذنب طلابنا يتحملوا مشقة تعليمهم فالمعلم يرمي اللوم على أدارة المدرسة والإدارة ترميها على وزارة التربية ويبقى الطالب صريع للوصول لمستقبله وما يطمح أليه .
وللتوضيح حول الحالة النفسية للطالب في المدارس الحكومية عندما يرى اقرأنه وهم في المدارس الأهلية أجابنا الباحث النفسي الدكتور( علي سعد كاظم )اختصاص علم النفس في الجامعة المستنصرية قائلا : نعم ممكن أن يتأثر الطالب نفسيا أذا شعر انه اقل من اقرأنه لأنه لايملك المال للذهاب إلى المدرسة الأهلية ليعيش الرفاهية كما يعيش الطالب في المدرسة الأهلية , بالإضافة إلى أن هناك جانب اجتماعي يجب أن يتفاداه طلاب المدرسة الأهلية وينتبه الأهل تجاه أفراد جيلهم مما سيسبب مشاكل نفسية مستقبلا.
هل الاهتمام الزائد من قبل المدرسة الأهلية يزيد من ذكاء الطالب ؟
أجاب قائلا : الذكاء له صور مختلفة ويتأثر بعدة عوامل الوراثة والبيئة التي يعيش فيها سواء البيت أو المدرسة التي يرتادها , لكن الاهتمام الزائد من قبل المعلم سيحفز ذكائه ويجعله يتفوق ويكمل واجباته نتيجة شعوره انه مرغوب من قبل المعلم مع تكريمه على تفوقه.
وأضاف على وزارة التربية أن تمدد ساعات الدوام للطلبة ليكون لهم وقت كافي للتركيز في دروسهم فالمدارس الأهلية تعطي الوقت الكافي للطالب إضافة إلى أوقات الترفيه والرياضة المهمة لصحة وتركيز الطالب كما تفعل المدارس الأهلية , بالإضافة إلى الخطي بخطى المدارس الأهلية , وللحد من ظاهرة هروب الطلبة من المدرسة أثناء الدوام وتحسين واقعهم التعليمي أن تكون هناك مذكرة لكل طالب ترسل لولي أمره كل يوم , لمعرفة مستواه الدراسي وأسلوبه في المدرسة وأسباب غيابه عن الدوام .
وأخرا كان رد معاونة مدرسة حكومية في منطقة ( حي تونس ) حول المدارس الأهلية قالت : بالرغم أن هناك سلبيات في المدارس الحكومية الاان كادر التعليم الأهلي يفتقد أحيانا للخبرة ولا تعتمد على الاختصاصات في تعيينهم .
وإن سبب تراجع التعليم الحكومي هو كثرة أعداد الطلبة في الصف الواحد حيث يصل إلى ( 40 ) طالب مما يعرقل من استلام المعلومة للطالب وهذا سبب مهم لنجاح المدارس الأهلية التي تحتوي على أعداد قليلة جدا مما يزيد الاهتمام بالطلبة .
وأضافت هناك تقصير من جانب الحكومة في تأخير وقلة القرطاسية مما يزيد المصاريف على كاهل الأهل فإلى الآن حصة الطالب هذا العام دفترين وللمراحل الأولية فقط.
وللإجابة حول استخدام العنف تجاه الطلبة في المدارس الحكومية قالت مبتسمة ( الوحدة بآمرها ) يجب أن يكون هناك أشراف ومتابعة من قبل الإدارة على سير العملية التعليمية دون معوقات ولا يستخدم المعلم السلوك العدواني تجاه الطلبة .
وأضافت أن تغيير المناهج كل عام للأصعب يؤثر على مستوى الطالب العلمي بالإضافة إلى أن مستوى التعليم للأهل يختلف من منطقة إلى أخرى فنرى في المناطق الشعبية والضواحي تدني التعليم بالنسبة للأهل مما يؤدي إلى تقصيرهم تجاه أطفالهم في الواجبات اليومية .
فبين مؤيد ومعارض للمدارس الأهلية وتدني المستوى التعليمي أو الخدمي للمدرسة ,
تبقى وزارة التربية والتعليم المسؤلة أمام هذه العقبات التي تواجه الطلاب وعوائلهم ,ولا ننكر
فضل المدارس الحكومية بصنعها لأبطال هذا الجيل الذي يعتمد عليه العراق والعراقيين وستنشئ جيلا قويا آخر لكن بتطوير مدارسها والاهتمام بالتعليم بكافة طرقه ومعالجة أسباب كثرة المدارس الأهلية التي ستكون في المستقبل فجوة بين طبقات المجتمع العراقي بتفوقها على المدارس الحكومية .
ويبقى السؤال أين دور وزارة التربية في فرض ضوابطها على المدارس الحكومية والأهلية ورفع المستوى التعليمي ؟!