دعا قادة الدول الإسلامية في ختام قمتهم الطارئة في إسطنبول الأربعاء العالم إلى الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، في خطوة كان هدفها الرد على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
لكن متابعين للشأن الفلسطيني يتساءلون عن جدوى هذه الخطوة عمليا، بقطع النظر عن كونها رسالة غاضبة إلى الرئيس الأميركي، مشيرين إلى أن اعتراف الدول العربية والإسلامية بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية أمر حاصل ولا نقاش فيه، فهل المقصود منه التحرك للحصول على اعتراف دولي بهذه العاصمة أم مجرد موقف عابر ردا على موقف ترامب.
ويشير المتابعون إلى أن القمة، التي اتسمت بالتصريحات الغاضبة وغير المحسوبة لبعض الرؤساء مثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لم تدرس جيدا استثمار التعاطف الدولي مع الفلسطينيين في مواقف ضاغطة على ترامب لمراجعة قراره، أو الدفع إلى تأجيله، وأن مقترحها بشأن الاعتراف بالقدس الشرقية قد يزرع عراقيل أمام الفلسطينيين أكثر مما يجلب لهم التعاطف.
ويلفت هؤلاء إلى أن الغضب الذي ساد العالم ضد ترامب كان بسبب محاولة فرض أمر واقع على الفلسطينيين بدل تشجيع عملية السلام والمساعدة على التوصل إلى حل، مشددين على أن قرار القمة الإسلامية قد لا تقبل به دول كثيرة لا ترى الحل إلا عبر التفاوض وليس من خلال المواقف المسبقة، وهو ما يهدد بعودة القضية الفلسطينية إلى نقطة البداية.
ومن الواضح أن الدول الإسلامية الحاضرة إلى القمة لم تكن مستعدة لاتخاذ خطوات عملية ضد قرار ترامب في شكل عقوبات ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل، فعوضت ذلك بموقف قد يثير خلافات مع أصدقاء الشعب الفلسطيني أكثر مما يجلب التعاطف والدعم.
ويقول محللون سياسيون إن سقف الانتظار المحدود من القمة، والمخاوف من انزلاقها لتصعيد كلامي هو الذي دفع دولا محورية في منظمة التعاون الإسلامي للمشاركة بتمثيل محدود، خاصة أن تركيا الدولة المستضيفة لم تتحرك لمناقشة رؤية جماعية مع الدول الأعضاء، وهيمنت الرغبة في التوظيف السياسي على الخروج بنتائج ذات فاعلية وتحوز على دعم الجميع.
ويعتقد المحللون أن التوظيف السياسي للقمة بدا واضحا في كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي سعى لتحويل الأنظار من موضوع القدس إلى التهجم على “بعض الدول في المنطقة” التي تتحالف مع الولايات المتحدة، في إشارة إلى القلق الإيراني من نجاح السعودية في بناء تحالف إقليمي أميركي ضد تدخلات طهران الإقليمية.