قراءة في كتاب ”النساء والإرهاب”
انطلقت فكرة الكتاب في شباط سنة 2011 بعد المظاهرات التي خرجت فيها المنقبات مطالبات بالحرية وتطبيق شرع الله وهو ما جعلني اتابع ما ينشرن من فيديوهات وتعليقات وكتب وصور وغيرها وأرصد هذا الحراك النسائي الجديد إلى أن عثرت سنة 2012 على صفحات فايسبوكية للسلفيات يعبرن فيها عن رغبتهن في الجهاد والهجرة…فجمعت أهم الخطابات المنشورة وبدأت في تحليلها في ضوء المرجعيات الجهادية بحكم اختصاصي في التفكير الإسلامي. ثم قررت الانضمام إلى مراكز البحث العالمية التي تعنى بالتطرف العنيف و المنظمات النسائية التي تنخرط في التصدي للإرهاب …والمشاركة في الندوات والمؤتمرات العالمية التي تهتم بالإرهاب والتصدي للتطرف العنيف…للتعمق في الظاهرة ودراستها علميا من خلال مقاربات ومناهج لاسيما بعد أن كثر عدد الأدعياء والمتطفلين الذين يزعمون أنهم “متخصصون في تاريخ الجماعات الإسلامية”.
بدأتُ تحرير الكتاب على أساس أنه مشروع فردي مندرج في اختصاصي الأكاديمي باعتبار أنني أنجزت دكتورا دولة سنة 2004 ”الاختلاف في الثقافة العربية دراسة جندرية’ نشر دار المدار الإسلامي 2007 بيروت ، ومجموعة من البحوث في هذا الإطار فضلا عن التدريس في ماجستير الجندر والمجتمع ولكن تعرضي في بداية سنة 2016 إلى اعتداء في الطريق العام بعد تصريحي في الإعلام بأنه لا توجد أحكام قطعية الدلالة في القرآن ضد المثليين ، جعلني أجد صعوبة في استكمال الفصل الخامس المتعلق بمحاورة أهالي الإرهابيين أو ضحايا الإرهاب من الأمهات والزوجات والشقيقات…ولذلك لم أشأ التضحية بهذا الفصل فطلبت من الصحفية بدار الصباح منية العرفاوي القيام بالمحاورات ورحبت بالفكرة ونزلتها في فصل تمهيدي حول الإرهاب المغربي وهكذا كانت مساهمة في الكتاب بفصلين.
تطلّب المؤلف الحفر في النصوص التراثية ‘أحكام الجهاد’ ، ونصوص قياديي الجماعات المتطرفة من القاعدة إلى داعش، ونقد المقاربات النسوية الغربية والجندرية التي حللت علاقة النساء المسلمات بالإرهاب كما أنني استأنست بعلم الاجتماع ، علم التحليل النفسي، الدراسات الثقافية ودراسات العنف والدراسات الأمنية وغيرها لدراسة الأسباب والأدوار والتمثلات والهويات.
دراستي لم تشمل التونسيات فحسب بل المسلمات في عدة مجتمعات والمعتنقات الجدد للإسلام. وتتضمن نقدا للأسرة والمؤسسة التعليمية والثقافية والأمنية وتساؤل بنية العلاقات ومنظومة بناء الذات وعلاقة الفرد بالآخرين وبالدولة والقوانين. وتختم بدعوة النساء إلى تحمل دور في مسار بناء السلام ومكافحة التطرف.
أستاذة التفكير الإسلامي ودراسات الجندر بالجامعة التونسية