اقتنصت الكاتبة العمانية جوخة الحارثي (40 عامًا) جائزة مان بوكر الدولية، الجائزة الأدبية المرموقة لعام 2019 عن روايتها «سيدات القمر» التي ترجمتها إلى الإنجليزية مارلين بوث، وتعتبر أول امرأة عربية ترشح للحصول على تلك الجائزة المقدرة بمبلغ خمسين ألف جنيه إسترليني. حصلت جوخة على درجة الدكتوراه في الأدب العربي الكلاسيكي من جامعة إدنبرة الإسكتلندية، وتعمل حاليًا أستاذا مساعدا بقسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس، كما أنها أول عمانية تصل بروايتها «الأجرام السماوية» المترجمة من العربية إلى الإنجليزية، إلى المراحل النهائية.
للكاتبة ثلاث مجموعات من القصص القصيرة وثلاث روايات، وهي «مانمات، سيدة القمر، ونارينجا»، كما قامت بتأليف أعمال أكاديمية مهمة وتُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات مثل اللغة «الصربية والكورية والإيطالية والإنجليزية والألمانية، ونُشر لها العديد من الأعمال في مجلة بانيبال الأدبية.
كما حصلت جوخة الحارثي على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب عن روايتها الأولى «نارينجا- البرتقال المر» عام 2016، كما رُشحت روايتها “سيدة القمر” لجائزة زايد عام 2011، والتي فازت بجائزة مان بوكر المرموقة، التي يرى فيها جمهور القراء عبر مواقع تقييم الكتب والروايات عيبا واحدا وهو استخدام بعض الألفاظ العامية العمانية.
في رواية “سيدات القمر” تستحضر جوخة حقبة مهمة من تاريخ عمان الحديث، وفيه يتداخل الوضع الخاص للشخصيات الروائية مع الحالة التاريخية العامة لعمان وما شهدته من تحولات في تلك الحقبة، بما شهدته من أحداث سياسية وظواهر اجتماعية ومستجدات عمرانية وحالة ثقافية، عبر أجيال مختلفة.
“سيدات القمر” تضمنت تحوّلات الماضي والحاضر، وجمعت بينهما بلغة رشيقة، وكذلك بين مآسي البشر المرفهين الذين لا ينقصهم شيء، ومآسي الآخرين الذين لا يمتلكون شيئا .
استطاعت الرواية أن تمزج بين الحالة الاجتماعية والتاريخية في بناء سردي حكاء محكم تناولت فيه سيرة الواقع عبر شخصيات العمل الرئيسية وهن ثلاثة أخوات، وقامت الشقيقات الثلاث من خلال عائشة بتحويل التاريخ إلى حكاية تتناول حياة الناس وواقعهم وأحلامهم، إضافة إلى اللغة السردية الرائعة للعمل تميز أيضًا بما يمكن تسميته بالـ«شعرية الكتابية» التي تضفى على النص الروائي بلاغة الشعر وجماليته، فتضيف له خفة النص المطلوب.
«رفض أبي أن ننتقل تماما لمسقط، من سيعمر البيت القديم؟ من سيستقبل الضيوف؟ من سيقيم البرزة للرمسة كل مساء؟ لا لا لا.. ننجز أعمالنا في مسقط.. يوم يومين ونرجع العوافي.. العوافي بلدنا ما مسقط.. بعد عشر سنين أخرى قال ولدي سالم: مسقط بلدنا ما العوافي.. لماذا لا نقضي كل الإجازات والأعياد هنا؟» مقطع من الرواية.
كما نجد في الرواية شخصية عبدالله ابن التاجر سليمان الذي يقوم بسرد وقائع الرواية وأحداثها وتقديم شخصياتها، وهو الشخصية التي ساعدت الكاتبة بتقديم وجهات نظرها المختلفة بحيث يسهم ذلك في كسر أحادية الرؤية التي يمكن أن يقدمها الراوي الوحيد لأحداث ووقائع الرواية، التي تتوزع أحداثها بين أماكن متفرقة في عمان والقاهرة وألمانيا وكندا.
تسعى الكاتبة من خلال الرواية أن تتحدث عن علاقة المرأة بالرجل، والمرأة بأخرى، والمرأة بنفسها وجسدها، حيث تطرقت إلى التحولات التي يشهدها جسد المرأة في مرحلة البلوغ والنضج الجسدي، وكذلك علاقة الآباء بالأبناء وعلاقة الجميع بالجميع لتقدم لنا في نهاية المطاف تقريرا شافيا وافيا عن علاقة الفرد بنفسه وبمجتمعه في أزمنة وأمكنة مختلفة.
وكانت الحارثي واحدة من ثمانية مشاركين عام 2011 في ندوة الجائزة الدولية للخيال العربي IPAF Nadwa “ورشة عمل كتاب” حصلت جوخة الحارثي على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب عن روايتها نارينجا “البرتقال المر” عام 2016، كما رُشحت روايتها “سيدة القمر” لجائزة زايد عام 2011.
