وسط أجواء مشحونة بالتوتر على الصعيدين المحلي والإقليمي، وصل وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم الأحد، إلى العاصمة بغداد في زيارة رسمية هي الثانية له إلى البلاد منذ توليه منصبه في حزيران يونيو 2023، وبجعبته أربعة ملفات مهمة.
وقال مراسل “العالم الجديد”، إن “وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وصل قبل قليل، إلى مطار بغداد الدولي في زيارة رسمية.
وكان فيدان، أجرى زيارة للعراق في آب أغسطس عام 2023، وكانت شاملة ومكثفة، التقى فيها مسؤولين في بغداد، بما فيهم قادة كتل الإطار التنسيقي، ومن ثم زار أربيل، وبحث في تلك الزيارة مجمل القضايا العالقة بين البلدين، ولاسيما الأمنية منها.
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة، اليوم الأحد، عن أبرز الملفات التي سيبحثها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال زيارته إلى العاصمة بغداد.
وذكرت المصادر لـ”العالم الجديد”، أن “زيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى العاصمة بغداد تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي بين العراق وتركيا في مجالات متعددة، أبرزها التنسيق الأمني والاستخباراتي، حيث من المتوقع أن يناقش فيدان مع المسؤولين العراقيين سبل مواجهة تهديدات حزب العمال الكردستاني (PKK)، كما تشمل المباحثات تعزيز التعاون الاقتصادي، خاصة في مجالات التجارة والطاقة.
وأضافت:”من المتوقع أيضا أن يتم متابعة تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد وأربيل في نيسان أبريل 2024، والتي شملت 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم، بما في ذلك اتفاقية المياه، إضافة إلى ذلك، من المرجح أن تبحث الزيارة التطورات الإقليمية، خاصة الوضع في سوريا، فضلاً عن التنسيق حول مشروع “طريق التنمية” الذي يربط العراق وتركيا”.
وكانت وكالة “الأناضول” التركية، قد ذكرت، مساء أمس السبت، أن وزير الخارجية هاكان فيدان سيزور العراق، غدا الأحد، لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين العراقيين، من بينهم الرئيس عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني، ووزير الخارجية فؤاد حسين، إلى جانب مسؤولين آخرين”.
وأضافت أنه “خلال هذه الاجتماعات، سينقل فيدان رسالة مفادها أن تعزيز العلاقات وحسن الجوار بين العراق والإدارة السورية الجديدة سيكون في مصلحة البلدين والمنطقة بأسرها”.
وتأتي زيارة هاكان فيدان في وقت حساس للمنطقة، حيث تستعد الإدارة التركية لمصالحة وصفت بالتاريخية مع حزب العمال الكردستاني، بعد دعوات المرشد الروحي للحزب ومؤسسة، عبد الله أوجلان، إلى ما وصفها “الأخوة الكردية التركية، وإنهاء الخلافات”.
حيث تسعى أنقرة إلى إدراج ترحيل عناصر حزب العمال الكردستاني PKK من العراق في بنود وشروط مباحثات التسوية التي يلعب فيها زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، دور الوساطة بين أنقرة وحزب العمال، بحسب مصادر مطلعة.
وأجرى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، في 7 كانون الثاني يناير الجاري، زيارة سريعة إلى العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبحث معه العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان وتركيا، والتطورات في سوريا ومستقبلها مع مرحلة السلام الجديدة وحل القضية الكردية في تركيا”.
وأكد أردوغان خلال المباحثات أن “هناك حاجة إلى تنفيذ مشاريع من شأنها زيادة استقرار وازدهار المنطقة، وخاصة مشروع “طريق التنمية”.
وأوضح أنه “في ضوء التطورات في سوريا، تولي تركيا أهمية كبيرة للحفاظ على استقرار وأمن العراق”، مؤكد أن “أنقرة تسعى جاهدة للحيلولة دون تؤدّي التطورات في سوريا إلى حالة عدم استقرار جديدة في المنطقة”.
وشدد أردوغان أنه “لا مكان للتنظيمات الإرهابية وأذرعها في مستقبل سوريا الجديدة”.
وفي 8 كانون الأول ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق وقبلها على مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.
وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة “منظمة إرهابية”، في الأراضي العراقية بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة العراق والحكومة التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي الحزب في العراق في عدة عوامل ميدانية عسكرية، أبرزها وجود الحزب في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصاً في مناطق سنجار، غرب نينوى.
وعلى مدى العقدين الماضيين، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في إقليم كردستان العراق لمحاربة حزب العمال الكردستاني المعارض (PKK) الذي يقيم في هذه المنطقة قواعد خلفية.
ويعلن الجيش التركي بشكل متكرّر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم شمالي العراق، ودفع هذا الأمر الحكومة العراقية المركزية إلى الاحتجاج مرارا.
ويتابع العراق تطورات المشهد السوري بقلق كبير وسط تأهب أمني على الحدود المشتركة بين البلدين، فيما أكدت بغداد دعمها لأي جهود تسهم في استقرار سوريا، بالتوازي مع التزامِها بالتعاون مع التحالف الدولي، للتصدي للإرهاب.
وقررت إدارة العمليات العسكرية في سوريا تكليف محمد البشير، رئيس “حكومة الإنقاذ” العاملة في إدلب، بتشكيل حكومة تدير المرحلة الانتقالية في البلاد حتى 1 آذار مارس 2025.