العراق أمام أسوأ أزمة مائية.. نائب يُحذر وخبراء يدقّون ناقوس الخطر

الرافد / متابعة

حذر عضو مجلس النواب العراقي حيدر محمد حبيب، اليوم الاثنين، من تفاقم أزمة المياه في العراق، مشيراً إلى أن البلاد تواجه “أسوأ حالة على الإطلاق” في ما يتعلق بمنسوب المياه في نهري دجلة والفرات.

وقال حبيب في تصريح ، إن “تركيا لم تلتزم بالاتفاقيات المائية الموقعة مع العراق، وتستمر في استخدام ملف المياه كورقة ضغط سياسية”، لافتاً إلى أن “جميع المؤشرات تؤكد تراجعاً خطيراً في منسوب المياه، ما يهدد الأمنين المائي والغذائي للبلاد”.

وأضاف أن “الحكومة مطالبة بتحرك دبلوماسي فاعل، واستخدام العلاقات الدولية لإجبار أنقرة على إطلاق كميات كافية من المياه، خصوصاً مع الانخفاض الكبير الذي تشهده الأنهر الداخلية وتراجع الأراضي الزراعية”.

وتتزامن هذه التحذيرات مع تصاعد القلق في الأوساط البيئية والزراعية من دخول العراق في مرحلة العطش المزمن، حيث يعتمد العراق بنحو 90% من موارده المائية على نهري دجلة والفرات، وكلاهما ينبع من تركيا، التي أقامت خلال السنوات الماضية سلسلة من السدود، أبرزها سد إليسو، ما أدى إلى تقليص تدفق المياه بشكل غير مسبوق.

وفي هذا السياق، يقول حيدر الساعدي، الخبير في شؤون البيئة والمياه، إن “أزمة العراق المائية ليست فقط بسبب دول المنبع، بل هناك سوء إدارة داخلية للمياه، وغياب استراتيجية واضحة لإدارة الموارد، واعتماد مفرط على الري التقليدي”.

ويحذر الساعدي من أن “الزراعة في مناطق واسعة من الجنوب والفرات الأوسط أصبحت على وشك الانهيار الكامل”.

من جهتها، تؤكد الباحثة في قضايا الأمن المائي سلوى عبد الكريم، أن “تراجع مناسيب المياه لا يهدد فقط الزراعة، بل يهدد الصحة العامة، ويزيد من معدلات الهجرة والنزوح الداخلي بسبب التصحر وندرة المياه”.
وتضيف أن “الملف لم يعد بيئياً فقط، بل تحوّل إلى أزمة وجودية تتطلب تحركاً سياسياً ودبلوماسياً واسعاً، مع ضرورة إعادة ترتيب أولويات الملف المائي داخلياً، والضغط خارجياً من خلال المؤسسات الدولية”.

في المقابل، يطالب مختصون الحكومة بتبني خطة طوارئ وطنية تتضمن: “تحديث أنظمة الري وتفعيل تقنيات الزراعة الذكية، وإطلاق حملة وطنية لترشيد استهلاك المياه في المدن والأرياف، ورفع مستوى التفاوض الدبلوماسي مع دول المنبع، خاصة تركيا، بضمانات دولية، فضلاً عن دعم الفلاحين المتضررين من الجفاف، وتحويل بعض المناطق إلى مشاريع بديلة”.

ووسط صمت رسمي نسبي وتراجع الخطاب الحكومي في ملف المياه، يتزايد الضغط من الأوساط البرلمانية والبيئية لتحويل الأزمة إلى أولوية وطنية قصوى، إذ لم يعد الأمر يتعلق فقط بنقص المياه، بل بمستقبل الزراعة، واستقرار الريف، والأمن الغذائي، وربما، كما يرى البعض، استقرار الدولة ذاتها.