أول ما يريده بوتين من هذه القمة هو أمر حصل عليه بالفعل: الاعتراف.
الاعتراف من أقوى دولة في العالم، الولايات المتحدة، بأن الجهود الغربية لعزل الكرملين فشلت.
إن مجرد انعقاد هذا الاجتماع رفيع المستوى يعد دليلاً على ذلك، وكذلك المؤتمر الصحفي المشترك الذي أعلن عنه الكرملين. ويمكن لموسكو أن تقول إن روسيا عادت إلى “طاولة الكبار” في السياسة العالمية.
وقالت صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الشعبية هذا الأسبوع ساخرة: “أين هي هذه العزلة إذن”.
ولم يكتفِ بوتين بالحصول على قمة روسية – أمريكية، بل حصل أيضاً على موقع مميز لعقدها. فألاسكا تمنح الكرملين مزايا عدة:
أولاً، الأمن؛ إذ تبعد ألاسكا عن إقليم تشوكوتكا الروسي نحو 90 كيلومتراً فقط، ما يتيح لبوتين الوصول إليها دون التحليق فوق دول “معادية”.
ثانياً، المسافة البعيدة جداً عن أوكرانيا وأوروبا، وهو ما يتماشى مع رغبة الكرملين في تهميش كييف وقادة الاتحاد الأوروبي، والتعامل مباشرة مع الولايات المتحدة.
كما تحمل ألاسكا دلالة تاريخية، إذ إن بيعها من قبل روسيا القيصرية للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، يُستخدم من جانب موسكو لتبرير محاولتها الحالية لتغيير الحدود بالقوة في القرن الحادي والعشرين.
وكتبت “موسكوفسكي كومسوموليتس”: “ألاسكا مثال واضح على أن الحدود يمكن أن تتغير، وأن أراضٍ شاسعة يمكن أن تنتقل ملكيتها”.
لكن بوتين يريد أكثر من الاعتراف والرمزية، يريد النصر، إذ أصرّ على أن تحتفظ روسيا بكل الأراضي التي استولت عليها واحتلتها في أربع مناطق أوكرانية (دونيتسك، ولوغانسك، وزابوريجيا، وخيرسون)، وأن تنسحب كييف من الأجزاء التي لا تزال تحت سيطرتها في تلك المناطق.
بالنسبة لأوكرانيا هذا أمر مرفوض، إذ قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: “لن يُعطي الأوكرانيون أرضهم للمحتل”، وهو ما يعرفه الكرملين جيداً.
لكن إذا حصل بوتين على دعم ترامب لمطالبه الإقليمية، فقد يُحسب أن رفض أوكرانيا سيؤدي إلى أن يقطع ترامب كل أشكال الدعم عن كييف، وفي هذه الحالة، قد تمضي روسيا والولايات المتحدة في تحسين العلاقات وتطوير التعاون الاقتصادي.
لكن هناك سيناريو آخر.
يواجه اقتصاد روسيا ضغوطاً كبيرة، وعجز الموازنة يتزايد، وإيرادات النفط والغاز تتراجع.
وإذا دفعت المشكلات الاقتصادية بوتين لإنهاء الحرب، فقد يلجأ الكرملين إلى التسوية.
لكن حتى الآن، لا مؤشر على ذلك، إذ يواصل المسؤولون الروس التأكيد على أن المبادرة لا تزال بيدهم في ساحة القتال.