هزت رسالة مارتن لوثر الشهيرة، والتي ضمت 95 قضية ومسألة، أسس السياسة والسلطة في جميع أنحاء أوروبا، وتستمر في التأثير على حياتنا اليوم، من اللغة والفن والموسيقى، إلى مفهومنا للحرية.
كان معلم الجذب الرئيسي لكنيسة القلعة (كنيسة جميع القديسين) في بلدة فيتنبرغ الألمانية هو الأبواب التي يقال إن مارتن لوثر ثبت عليها رسالته التي تضمنت 95 مسألة، قبل 500 عام في 31 أكتوبر 1517.
واعترضت تلك الوثيقة على بيع الكنيسة “صكوك الغفران”، وهي شهادات كانت تعد بالخلاص في الآخرة، وبذلك شككت في المعتقدات والممارسات السائدة منذ قرون.
ومع ذلك، فإن الأبواب في المدخل الشمالي اليوم ليست الأبواب الخشبية الأصلية التي كانت تعود لزمن لوثر، إذ أنها دمرت في حريق عام 1760 خلال حرب السنوات السبع. وتقف مكانها الآن أبواب برونزية قوية، نقشت عليها رسالة لوثر بالكلمات اللاتينية.
وهي كلمات صلبة ثابتة في مكانها ولا شك فيها. لكن كما اعترف لوثر، فالكلمات لديها القدرة على الحركة. تماما كما حركته قراءته للكتاب المقدس للتشكيك في النظام المعمول به، وانتقلت كلماته بدورها خارج بلدته الصغيرة، خالقة وعيا ذاتيا دينيا جديدا قسم الكنيسة وهز أوروبا وامتد إلى العالم.
ولعل ذلك كان السبب في أنني وجدت تلك المساحة المفتوحة الشامخة داخل الكنيسة تذكر بلوثر والإصلاح الذي نادى به، أكثر مما تذكر بتلك الأبواب المغلقة. وهنا، تصطف تماثيل للوثر ومعاصريه حول صحن الكنيسة، ويقال إن هذه التماثيل تستمر كل مساء بعد مغادرة الزوار في مناقشاتها اللاهوتية في عمق الليل.
وتذكرنا الحكاية بأن لوثر لم يكن الشخصية الوحيدة التي طالبت بالإصلاح في ذلك الوقت؛ بل كان جزءا من حوار مستمر، وهو حوار يستمر أيضا حتى يومنا هذا. لكن رغم أن أناسا آخرين كان لديهم أفكار عن إصلاح الكنيسة، فإن فيتنبرغ لا تزال المدينة التي تعتبر مهد الإصلاح، الذي كان لوثر زعيمه.
وأثناء تجولي في فيتنبرغ، كنت أتساءل كيف يمكن لمكان صغير كهذا أن يكون له كل هذا التأثير الهائل. فالبلدة القديمة لم تتغير كثيرا عما كانت عليه أيام لوثر، خاصة أن الحلفاء اتفقوا على عدم قصفها بسبب أهميتها الدينية.