الأنبار/ علي أحمد/ المدى
في مدينة الفلوجة، حيث ما تزال لغة الإشارة غائبة عن وعي شريحة من المجتمع، يواصل شاب مهمّة نادرة تتمثل في ربط الصُم بالمجتمع وتحويل الصمت إلى مشاركة فعّالة في التعليم والحياة الاجتماعية. يعمل منذ أكثـر من عشر سنوات دون مقابل، وبدافع شخصي، إذ إن نحو 80 % من أفراد عائلته من الصُم.
خبرة شخصية ومبادرات تطوعية
يقول سامر العاني، مدرّب لغة الإشارة ومسؤول لجنة الإرشاد في جمعية أنوار الفلوجة لرعاية الصم، لـ«المدى»، إنه يعمل مترجمًا ومدرّبًا للغة الإشارة، ومسؤولًا عن لجنة الإرشاد في الجمعية، إضافة إلى كونه صانع محتوى توعوي وميسّرًا لورش تدريبية خاصة بالصم، ويقدّم دورات إلكترونية لتعليم لغة الإشارة للناطقين.
ويضيف أنه يركّز على مساعدة الطلبة الصم في تعلم مهارات التواصل، وتدريب الكوادر على دمجهم بالمجتمع، وتطوير مهاراتهم الأكاديمية والاجتماعية، مؤكّدًا أن هذا العمل يتم بشكل تطوعي كامل. ويشير إلى أن خبرته في المجال تمتد لأكثر من عشر سنوات، وأن دخوله إليه جاء بدافع شخصي وإنساني، نظرًا لكون والديه وأغلب أقاربه من الصم، ما دفعه لتعلّم لغة الإشارة واستخدامها باحتراف ليكون حلقة وصل حقيقية تسهم في كسر الحواجز.
أنشطة الجمعية وتحديات العمل
يوضح العاني أن الجمعية، وهي منظمة مجتمع مدني في الفلوجة، تسعى لتأهيل الطلبة الصم وتطوير قدراتهم التعليمية والمهنية ودمجهم بالمجتمع عبر توفير بيئة داعمة. وتقدم الجمعية خدمات تعليمية وتدريبية لمختلف الأعمار، من الأطفال إلى كبار السن، وتشمل التعليم الأساسي، التدريب المهني، وتنمية المهارات الحياتية. وتشمل أبرز الأنشطة تعليم الخياطة، الحرف اليدوية، التصوير، الرياضة، إدارة الأعمال، والقرآن الكريم.
ويؤكد أن الجمعية لا تتبع أي جهة حكومية وتعتمد على الجهد التطوعي والدعم المحدود، مشيرًا إلى أن التحديات تشمل ضعف الوعي المجتمعي بأساليب التواصل مع الصم، قلة المواد التعليمية بلغة الإشارة، محدودية الدعم التكنولوجي، وارتفاع البطالة في أوساط هذه الفئة. كما يلفت إلى غياب الشهادات الرسمية (الإعدادية والجامعية) الخاصة بالصم داخل العراق، نتيجة افتقار الوزارات المعنية للمناهج الملائمة.
ويختتم العاني بأن المطلوب اليوم هو نشر ثقافة لغة الإشارة، وتوفير بيئة تعليمية ومهنية تراعي احتياجات الصم، وإيجاد فرص عمل حقيقية تضمن اندماجهم وتعزز ثقتهم بأنفسهم، داعيًا إلى دعم أكبر للجمعية سواء عبر توفير الأجهزة التعليمية أو إطلاق مشاريع داخل مقراتها لتقليل البطالة، إلى جانب دعم مادي مستمر لتطوير البرامج وتوسيع فرص التعليم والعمل.
تظل فئة الصم من أكثر الفئات تهميشًا في العراق، خصوصًا في المناطق التي تفتقر للبنى التحتية التعليمية والتوعوية. ورغم وجود جمعيات ومنظمات لدعمهم، إلا أن الجهود تبقى في معظمها فردية ومحدودة، وتعاني من نقص التمويل والدعم الرسمي.