تعوّل أوساط سياسية عراقية في بغداد على تحقيق انفراجة في أزمة استفتاء كردستان خلال يومين، على خلفية ضغوط جديدة تمارسها واشنطن على أربيل، منذ مساء الثلاثاء، بهدف إقناع القيادة الكردية باتخاذ خطوات إيجابية مع بغداد حيال الأزمة، ويقودها السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان، الذي وصل إلى أربيل، الثلاثاء، برفقة وفد دبلوماسي رفيع، وأجرى سلسلة لقاءات مكثفة مع قيادات كردية مختلفة من بينها رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، ورئيس حكومته، نجيرفان البارزاني. ويتزامن ذلك مع تصعيد مستمر من دول جوار العراق، وتحديداً تركيا وإيران، مع تجديد رئيسيهما أمس على رفض استفتاء انفصال الإقليم، متوعدين بالمزيد من الإجراءات القاسية. في هذه الأثناء، يحمل رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، في زيارته إلى باريس التي بدأت، أمس الأربعاء، عدداً من الملفات المهمة، من أبرزها مشروع استفتاء الانفصال الكردي، والمؤتمر المرتقب لإعادة إعمار المدن العراقية وصفقات تسليح الوحدات الجديدة في الجيش العراقي التي يجري تدريبها على يد خبراء من التحالف الدولي.
وأعلنت حكومة كردستان العراق، أمس، عن اجتماع ضم السفير الأميركي في العراق والوفد الدبلوماسي المرافق له مع رئيس وزراء إقليم كردستان نجيرفان البارزاني. ووفقاً لبيان أصدره مكتب الأخير، فإن الاجتماع ركز على أهمية إجراء حوار جدي بين أربيل وبغداد لحل الأزمة.
وكشف مسؤول عراقي مقرّب من العبادي عن بوادر قبول أربيل إلغاء أو تجميد نتائج الاستفتاء بسبب الضغوط الأميركية الحالية. وقال القيادي في “التحالف الوطني” الحاكم، النائب جاسم محمد جعفر، لـ”العربي الجديد”، إن “الأميركيين يضغطون حالياً على البارزاني، وهذه الضغوط تهدف لدفعه إلى تقديم تنازلات، وهناك بعض البوادر لذلك خلال يومين من الآن، ونأمل خيراً”.
وأضاف جعفر “أن هناك أيضاً ضغوطاً دولية على بغداد، لكن هذه الضغوط لا تتعلق بالموافقة على مشروع الاستفتاء والانفصال، بل لوقف الإجراءات التي أعلنتها الحكومة والبرلمان”، موضحاً أن إجراءات بغداد “لا تهدف لتجويع الشعب الكردي بأي شكل من الأشكال، بل تستهدف القائمين على مشروع الاستفتاء هذا”. وشدد على أن وحدة العراق غير قابلة للتفاوض أو الحوار وهو ما تم إبلاغه للجميع، مؤكداً أن العبادي يمتلك تفويضاً شعبياً من خلال البرلمان ودعماً من المراجع الدينية لعمل اللازم بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية ومنع تقسيمها.
وفي مؤشر على إمكان حصول حلحلة في هذا الملف، نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر في القطاع المصرفي في العراق، أن البنك المركزي خفف، أمس الأربعاء، قيوداً مالية فرضها على إقليم كردستان رداً على الاستفتاء، بعد أن تلقى تعهداً من بنوك كردية بالتعاون. وأوضح المصدر أنه جرى السماح باستئناف تحويلات الدولار والعملة الأجنبية أمس مع استثناء أربعة بنوك ذات ملكية كردية.