غزت مكاتب السحرة والمشعوذين الأحياء الراقية وسط بغداد ومنطقة الكرادة وحي الكاظمية مع إعلانات ودعايات تحمل وصفات الشفاء للمرضى، وحلولاً للباحثين عن مناصب أو عاشقين تعثّر طريقهم، في الوقت الذي كان فيه وجودها محصوراً في أطراف العاصمة والمناطق الشعبية والفقيرة، أو تلك التي يطلق عليها “العشوائيات”.
وتجاوز الأمر إلى قيام بعض المكاتب بالإعلان عبر محطات التلفزيون المحلية، ولا يخفى على أهل بغداد اليوم الحرب المشتعلة بين أصحاب تلك المكاتب، فظهر منهم ما يعرف بـ”حجي ثقب” و”مستحضِر الجن والمردة” و “صاحب خاتم سليمان” وآخر يدعى بـ”السيد مجيب الحاجات” ورابع يقول لزبائنه إنه يمتلك مرآة يشاهد فيها المستقبل ويكشف السرقات التي تحدث وحتى عمليات الاختطاف الرائجة اليوم ببغداد.
ويتردد على هذه المكاتب زبائن أغلبهم من النساء ومن الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وتتفاوت أسعار العلاج ما بين 100 دولار وتصل إلى ألف دولار، إلا أن هناك من يدفع عشرات أضعاف هذا المبلغ مقابل خدماتهم.
وكشفت منظمة محلية عراقية بارزة في بغداد، اليوم الجمعة، عن ارتفاع عدد العاملين في السحر والشعوذة، ممن يتخذون مكاتب لهم في شقق سكنية أو داخل منازلهم، إلى أكثر من 200 شخص يعملون بصورة علنية.
ويقول مدير منظمة “سلم” العراقية علي الحمداني لـ “العربي الجديد”، إنّ مكاتب السحر والشعوذة تمارس أعمالها بشكل علني بلا خوف من الحكومة، موضحا أن هؤلاء متورطون بمخالفات قانونية.
ويضيف الحمداني، وهو يدير المنظمة المعنية بشؤون المجتمع المدني وترتبط بشبكة منظمات المجتمع المدني، التي تشرف عليها الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي ببغداد، أنّ “الظاهرة خطيرة وسجلت وفيات كثيرة بسببهم. فبعضهم دجالون لا تأثير لهم يبيعون الوهم، لكن آخرين يمارسون السحر فعلا وتسببوا بكوارث عائلية منها حالات طلاق وهروب فتيات من منازلهم وخيانات زوجية، وصولا إلى إصابة الضحايا بالأمراض النفسية والجسدية أدت إلى موت الضحايا وتسجيل اعتداءات جنسية”.
ويتابع “زوار تلك المكاتب من المرضى اليائسين من الحصول على علاج أو من المطلقات والعوانس، وكذلك اللاتي يعانين من مشاكل مع أزواجهن أو قليلي الحظ والعاطلين عن العمل والباحثين عن وظيفة أو منصب أو الساعين للإيقاع بفتاة ما، أو الذين تعرضوا للسرقة أو اختفاء قريب لهم”.
ويضيف “كان القانون العراقي قبل الاحتلال يفرض عقوبات مشددة على ممارسي أعمال الشعوذة، تتراوح بين السجن 15 عاما إلى الإعدام، وأشهر حكم قضائي تم عام 1987 بإعدام ساحر علنا شرقي بغداد لتسببه بوفاة مواطن وسرقة مبالغ مالية منه، لكن اليوم القانون غير واضح بهذا الشأن وحتى لو وجد فلا تطبيق له”.
وفي شارع 14 رمضان بحي المنصور، وسط بغداد، يافطة كبيرة يظهر فيها رجل في العقد الرا