قضت محكمة الاستئناف الكويتية، الإثنين، بحبس النائبين بمجلس الأمّة، الإخواني جمعان الحربش، والسلفي وليد الطبطبائي ضمن 68 مدانا في قضية اقتحام مقرّ المجلس سنة 2011.
وكان العام المذكور قد شهد محاولات لتفجير اضطرابات بالشارع الكويتي شاركت فيها جماعة الإخوان المسلمين بالتعاون من عدد من المعارضين السياسيين من عدّة أطياف، حيث رأت الجماعة فرصة مواتية للانقضاض على السلطة.
ووجد الإخوان التربة مهيأة من خلال عدد من الشخصيات المتجاوبة مع مخطّطها ومن بينها من ينتمون إلى الأسرة الحاكمة ولديهم حسابات لتصفيتها في إطار صراعات وأغراض شخصية.
وساندوا النائب السابق مسلم البراك حين كان ملاحقا بتهمة الإساءة لأمير البلاد من خلال مخاطبته بعبارات حادّة في خطبة باجتماع عام. ووصف الحربش البراك بالرمز الوطني وطالب بمساندته وحمايته.
ويمارس إخوان الكويت العمل السياسي تحت يافطة العمل الجمعياتي والخيري، ويحظون بوضع استثنائي يثير تساؤلات الكويتيين ومخاوفهم نظرا إلى تورّط الجماعة في أنشطة مخلّة بأمن العديد من البلدان العربية التي تصنّفها جماعة إرهابية.
ودفعت الضغوط الممارسة على الإخوان في بلدان الإقليم، الفرع الكويتي لتغيير سلوكه تجاه الحكومة ومحاولة التقرّب منها بمساندتها في عدّة قضايا.
وتعكس مواقف النائب جمعان الحربش في مجلس الأمّة ورفضه استجواب بعض الوزراء، ذلك التكتيك السياسي الجديد المتّبع من قبل إخوان الكويت.
ورفض الحربش استجواب وزير شؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبدالله الصباح ودخل في معركة إعلامية مفتوحة بسبب ذلك مع النائب رياض العدساني المشترك مع زميله عبدالكريم الكندري في تقديم الاستجواب للوزير، والذي مرّ في النهاية وأسفر عن طلب بسحب الثقة منه ما استدعى استقالة حكومة الشيخ جابر المبارك التي لم تتمّ إلى الآن إعادة تشكيلها.
وتراوحت مدد الحبس المحكوم بها على المدانين بين سنة وخمس سنوات. وسيكون بإمكانهم الطعن بالحكم أمام محكمة التمييز بعد البدء بتنفيذه.
وكانت محكمة الجنايات الكويتية قدّ برّأت في ديسمبر 2013 جميع المتهمين في القضية، إلاّ أنّ النيابة العامة استأنفت الحكم.
ونال الطبطبائي والحربش حكما بـ5 سنوات سجنا إلى جانب النواب السابقين مسلم البراك وفيصل المسلم ومبارك الوعلان وخالد الطاحوس وسالم النملان وفهد الخنة على “جريمة مقاومة رجال الأمن ودخول عقار الغير بقصد ارتكاب جريمة”.
كما تضمّن الحكم حبس البراك، سنتين عن تهمة تحريض رجال الشرطة على التمرد، وسنتين عن تهمة الاعتداء على رجال الشرطة، ليصبح مجموع المدة المحكوم بها في هذه القضية 9 سنوات، لكن في حالة التنفيذ يطبق الحكم الأعلى فقط وهو 5 سنوات.
وقضت المحكمة أيضا بحبس النائبين الطبطبائي والحربش، والنواب السابقين المسلم، والوعلان، والطاحوس، والنملان، والخنة سنتين عن تهمة التعدي على رجال الأمن ليصبح مجموع سنوات السجن بحقّهم 7 سنوات.
كما قضت بحبس النائب السابق محمد الخليفة، سنة مع وقف النفاذ لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم، فيما سقطت الدعوة عن النائب السابق فلاح الصواغ لوفاته.
وقال النائب الإخواني جمعان الحربش، في تغريدة له على حسابه في تويتر عقب صدور الحكم، “الحمد لله على كل حال، أن أكون في السجن خير لي من أن أكون نائبا مرتشيا أو خائنا للأمانة”.
وجاء الحكم بمثابة ضربة لجماعة الإخوان بشكل استثنائي في أوجّ مساعيها للتقرّب من السلطة والتغطية على محاولتها تفجير اضطرابات بالشارع الكويتي سنة 2011 كامتداد لـ”الربيع العربي”.
ووافقت اللجنة التشريعية البرلمانية بمجلس الأمة الكويتي في فبراير الماضي، على رفع الحصانة عن الطبطبائي والحربش، لكونهما ضمن المتهمين.
وتتمثّل وقائع القضية في قيام 9 نواب من المعارضة آنذاك وآخر سابق، منهم ثلاثة نواب في البرلمان الحالي و60 من أنصارهم، معظمهم من الشباب، في نوفمبر 2011، باقتحام مقر مجلس الأمة (البرلمان) احتجاجا على ما اعتبروه ترديّا للأوضاع السياسية، عقب تجمّع لهم دعوا خلاله إلى إقالة رئيس مجلس الوزراء السابق ناصر محمد الأحمد الصباح، الذي اتهمته المعارضة بتبديد أموال عامة عبر سفارات الكويت في الخارج في القضية المعروفة شعبيا باسم “قضية التحويلات”، التي برّأته فيها محكمة الوزراء في أبريل 2012، لانتفاء وقوع جريمة المساس بالمال العام.
ووجّهت النيابة العامة للمتهمين تهما تتعلق بمخالفة قانوني الجزاء، وأمن الدولة الداخلي، وهي: التجمهر والتظاهر غير المرخص، وعدم الانصياع لأوامر رجال الأمن بفض التجمهر، ومقاومة رجال الأمن والاعتداء عليهم، والعنف مع أفراد حرس مجلس الأمة، بينما أنكر المتهمون جميع التهم الموجّهة إليهم.
وكان كلّ من جمعان الحربش ووليد الطبطبائي قد سجّلا عودتهما إلى البرلمان الكويتي إثر الانتخابات التي جرت في نوفمبر من العام الماضي، وذلك بعد أن أنهيا مقاطعتهما للانتخابات التي سبقتها احتجاجا على تغيير القانون الانتخابي من تعدّد الأصوات لكل ناخب إلى ما عرف بقانون الصوت الواحد.
ولم تنقطع جماعة الإخوان خلال السنوات الماضية عن ممارسة الضغوط على الحكومة الكويتية باستخدام عدّة ملفات من بينها ملف سحب الجنسيات من أشخاص متهمين بالحصول عليها بالتزوير، قبل أن تغيّر الجماعة تكتيكها وتدشّن مرحلة التقرّب من الحكومة أملا في الاحتماء بها من الضغوط المسلّطة على الإخوان في الإقليم.
- صحيفة العرب اللندنية