الموصل (العراق) – أدخل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بإعلانه، الأحد، بدء عمليات عسكرية لملاحقة عناصر حزب العمّال الكردستاني في قضاء سنجار بشمال العراق، عامل توتّر جديدا على الساحة العراقية التي لم تجد بعد توازنها السياسي والأمني بعد حرب داعش وفي ظل الصراعات الداخلية.
ويحمل هذا الإعلان ثلاثة أبعاد متشابكة، أوّلها انتهاك السيادة العراقية واستباحة أمن مكوّن عراقي صميم يتمثّل بالأكراد، وثانيها تأثيرات الخطوة التركية على الوضع السياسي في البلاد بما تمثّله من إحراج لرئيس الوزراء العراقي أمام خصومه السياسيين وكبار منافسيه في الانتخابات القادمة والذين يتصيّدون عثراته، لإسقاط الصورة التي نحتها لنفسه كقائد منتصر في الحرب على تنظيم داعش، فيما سيكون عجزه عن مواجهة الانتهاك التركي لحرمة الأراضي العراقية أكبر دعاية مضادّة له.
أمّا ثالث الأبعاد، فيكتسي طابعا إقليميا ودوليا متصلا بصراع النفوذ في العراق، حيث لا يمكن فصل تدخل تركيا عسكريا في العراق عن محاولات كسر المحور الجغرافي الذي عملت إيران على إنشائه ويمتد عبر الأراضي العراقية إلى سوريا فلبنان.
وقال الرئيس التركي في كلمة ألقاها، الأحد، أمام تجمّع لأنصاره بولاية طرابزون بشمال شرق تركيا “قلنا إننا سندخُل سنجار أيضا، والآن بدأت العمليات العسكرية هناك”.
واستعاد أردوغان بذلك تهديدا كان أطلقه الاثنين الماضي بأن أنقرة ستوسع عملياتها العسكرية ضد حزب العمّال الذي تعتبره إرهابيا في مناطق أخرى بشمال سوريا وشمال العراق.
وأربك إعلان بدء العملية التركية، بغداد بشكل واضح، وكشف أنّ الأجهزة العراقية غير ملمّة بما يجري في مناطق البلاد.
وسارعت قيادة العمليات المشتركة إلى نفي عبور أي قوات أجنبية عبر الحدود إلى محافظة نينوى حيث يقع قضاء سنجار، فيما أكدت أن الوضع الأمني في تلك المناطق تحت سيطرة القوات العراقية. وقال مركز الإعلام الأمني في بيان صحافي إن “قيادة العمليات المشتركة تنفي وجود أي حركة لقوات أجنبية عبر الحدود العراقية”.
كذلك نفى الحشد الشعبي وجود تحركات أو عمليات عسكرية تركية في قضاء سنجار أو محيطه.
وقال القيادي الميداني بالحشد رائد الكروي في بيان “لم نلاحظ أي تحرك عسكري تركي إلى غاية الآن في المناطق المذكورة”.
ومع ما يحمله مثل ذلك الإعلان من الجانب التركي، من إحراج لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، سارعت الخارجية العراقية إلى استدعاء السفير التركي في بغداد للاستيضاح بشأن ما ورد على لسان أردوغان.
وبدا واضحا تعمّد خصوم العبادي إحراجه باستخدام موضوع التدخّل التركي.
وأبعد من حدود العراق يرى مراقبون أن رغبة تركيا في التمدّد داخل الأراضي العراقية، بعد أن حققّت بعض التمدّد داخل الأراضي السورية يلتقي مع المساعي الأميركية لإبعاد الحشود الشيعية الموالية لإيران عن الحدود العراقية السورية، وتعطيل الخطة الإيرانية الرامية إلى ربط العراق بسوريا عبر صحراء الموصل الغربية.
صحيفة العرب اللندنية