يمثل ترمب، بصفته رجل صفقات أكثر من كونه رجل دولة، نموذجاً لتكتيك تفاوضي مثير يعرف في أدبيات السياسة والاقتصاد باسم “استراتيجية السقف العالي”، إلى جانب ذلك بما يعرف بنظرية “المجنون”.
في التاريخ السياسي الأميركي الحديث، لم يبرز رئيس أثار من الجدل حول أسلوبه التفاوضي بقدر ما يفعل الرئيس دونالد ترمب، فرجل الأعمال الذي دخل السياسة من باب غير تقليدي لم يترك خلفه قواعد المدرسة الكلاسيكية في التفاوض، بل أعاد تشكيلها على صورة عدوانية، مفاجئة، وغير قابلة للتوقع.https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.695.1_en.html?gdpr=1#fid=goog_97394277https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.695.1_en.html?gdpr=1#fid=goog_97394275https://imasdk.googleapis.com/js/core/bridge3.695.1_en.html?gdpr=1#fid=goog_97394273
يمثل ترمب، بصفته رجل صفقات أكثر من كونه رجل دولة، نموذجاً لتكتيك تفاوضي مثير يعرف في أدبيات السياسة والاقتصاد باسم “استراتيجية السقف العالي”، إلى جانب ذلك بما يعرف بنظرية “المجنون”.
ما هي استراتيجية السقف العالي؟
يعد “السقف العالي” أحد أقدم فنون التفاوض التي مورست بصورة فطرية منذ قرون في الأسواق والسياسة والحروب، قبل أن تصاغ لاحقاً كنظرية سلوكية قائمة على التأثير النفسي.
تقوم هذه الاستراتيجية على بدء التفاوض بطلبات مبالغ فيها، لا بقصد تحقيقها فعلياً، بل لتهيئة الطرف الآخر لتقديم تنازلات تدرجية تقرب المفاوض من هدفه الحقيقي.
وعلى رغم جذورها القديمة، فإن هذا التكتيك اكتسب بعداً علمياً في سبعينيات القرن الـ20 مع أبحاث دانيال كانيمان وأموس تفيرسكي حول “تأثير التثبيت”، لتتحول الممارسة إلى أداة تفاوضية مدروسة تستخدم على نطاق واسع في السياسة والاقتصاد وفضاء الأعمال.
أبدأ بطلب ما لا يعقل
تقول أستاذة علوم القرار والتفاوض في جامعة هارفرد، الدكتورة ديبورا كولينز، في دراسة نشرت عام 2015 في Harvard Negotiation Law Review، إن “البدء بعروض متطرفة يعد من أكثر الاستراتيجيات فاعلية في تحقيق مكاسب تفاوضية ملموسة، لكنه يحمل في طياته مخاطرة لا يستهان بها، تتطلب حنكة في اختيار لحظة التراجع وتوقيت التنازل”.
ويبدو أن دونالد ترمب قد أتقن هذا الفن بطريقته الخاصة، إذ كتب في كتابه الشهير “The Art of the Deal “عام 1987: “أبدأ بطلب ما لا يعقل، ثم أنتظر، إذا لم ينهض الطرف الآخر ويغادر الطاولة، أعرف أن اللعبة قد بدأت”.
بهذه البساطة، يلخص ترمب جوهر استراتيجية “السقف العالي” التي مزج فيها بين الغريزة التاجرية والحس السياسي، وجعل منها بصمة تفاوضية تطبق اليوم في السياسة كما في سوق العقارات وصناعة الصفقات.