حقب متلاحقة والاقدار تطارد ابناء هذا الوطن المظلوم الذي كان ومايزال يتوسم الخير بمن يتسنم زمام القيادة في بلد اصبح همه الوحيد الامان ، الازمات الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والامنية التي عاناها تكاد تكون فريدة ولم يخوض تجاربها غير ابناء جلدتنا الامر الذي يجعل مجرد التفكير لايجاد حل لابسط العقبات هو ضرب من الخيال وكما ان المحير بالامر ان اغلب من تصدى الان للمسؤولية وادعى المظلومية والحرمان والاضطهاد والملاحقة وعاش المعاناة "على حد قولهم" هم أنفسهم من اوصل البلد الى ماهو عليه الآن.
اخطر ما ابتلي به هذا البلد ان النكبات والاحباطات هي سمة واضحة على وجوه ابنائه ولاسيما الاخطار التي تصيب العمود الفقري لكيان هذا البلد - الشباب - ، فحالة التوهان والبطالة والسلوكيات الخاطئة المكتسبة ورداءة جودة التربية والتعليم والانجرار وراء الافكار المستقاة من العالم الافتراضي الالكتروني بكل تفرعاته ومحاولة الاحتفاظ بشخصيتين متناقضتين الاولى شخصيته الحقيقية وعلاقاته باهله واصدقائه وكل من يحتك به وهي الشخصية التي تحوي الكثير من السلبيات والسلوكيات الخاطئة كالعصبية والحقد والكره والعنف وعدم الاحترام ، اما الثانية فهي شخصية منمقة مزوقة لطيفة محبوبة (العالم الالكتروني الافتراضي ) تراها تلقي التحية بطريقة جميلة ومقبولة ومستساغة لدى اصدقاء الصفحة او التطبيق او المجموعة ، القت الثقافة الالكترونية بذورها فحصد الشباب الهجرة والتطرف وحب الذات والحصول على المكاسب الشخصية بغض النظر عن الوسيلة وشرعيتها فبات الاغلب يحاول تقليد الاخر باللبس المنبوذ والكلام المستهجن والاخلاق المتفسخة والمجاهرة بالسب والشتيمة على الاعراض والامهات يليها فاصل من الضحك كأنهم في مسرحية ابطالها اخواتهم وامهاتهم وزوجاتهم .
لقد حل الدمار والتفسخ بشريحة الشباب واصبحت عرضة للانتقادات من قبل البيت والمجتمع وبدأ الكل يسعى لتخليص ابناءه من السلوكيات الغير مرغوبة ناهيك عن ان دور المدرسة بدأ يتقلص لتتحول التربية الا تعليم متعكز لا يرتقي للمستوى المطلوب وان اغلب وسائل الاعلام اصبحت اداة سلبية على حياة الشباب وتفننت بغرس القصص الوهمية المؤثرة عن حالات الانتحار والهروب والخروج عن المألوف وكأنها سخّرت لذلك ، نحتاج لتغيير كبير وجهد تضامني يشترك فيه الجميع لإنقاذ هذا الجيل من كل ما لحق به من خراب وتدمير في افكاره وسلوكياته وطريقة حياته ودوره في المجتمع من خلال مناهج تربوية رصينة واعلام ايجابي هادف بعيد عن السفه والاسفاف ومجتمع متمدن قادر على احتضان جيله الجديد وقادر على دعمه وتصويب اخطائه بطريقة يتقبلها الشباب (الحوار الموضوعي والانتقاد المقبول) كي يتمكن الشباب من تصحيح مسارهم وتنقية افكارهم من الشوائب وادراكهم ان تحملهم للمسؤولية هو نقطة انطلاقة نحو حياة نبيلة وكريمة تمكنهم من اداء دورهم في المجتمع كبناة لمستقبل يضمن لهم حياة كريمة لهم ولأهلهم ولأبنائهم .